الغياب المدرسي تمثل مشكلة الطلاب المتكرر عن مدارسهم جانبا خطيرا في المراحل الثانوية نظرا لطبيعة هذه المرحلة، بالإضافة إلى قابلية الطالب للاستهواء، وتعد عرضا لوجود مشكلات أخرى دراسية أو أسرية أو اقتصادية، وقد أصبحت هذه المشكلة ظاهرة من الظواهر الواضحة في مجتمعنا العربي، وأصبحت تشكل خطرا كبيرا على المجتمع، وإهدارا كبيرا لميزانيات الدولة.
وتعد ظاهرة الغياب المتكرر للطلبة عن المدارس- وبخاصة في المرحلة الثانوية- سببا في إحداث الكثير من الخلل في التوازن الوظيفي في العملية التعليمية، وبخاصة عندما تصل وتتضخم إلى حد الغياب الجماعي في أوقات معينة من السنة الدراسية، مثل التي تعقب افتتاح السنة الدراسية، فيصبح حجم مدخلاتها أكثر بكثير من حجم مخرجاتها، الأمر الذي يعني عبئا إضافيا على ميزانية التعليم، ويمثل تحديا كبيرا يواجه الجهات المشرفة على التعليم.
فالكثير من المدارس الثانوية في المجتمع العربي تعاني من ارتفاع نسبة الغياب المدرسي المتكرر لطلابها، بحيث تتراوح نسبة الغياب في بعضها 21.3%، وتصل في بعضها الآخر إلى 30.9%، كما يبينفي الجانب الميداني من الدراسة، والذي يوضح أن متوسط نسبة الغياب المتكرر للطلاب في مدارس المرحلة الثانوية يصل تقريبا إلى 25.9%، وهو ما يمثل ظاهرة خطيرة، تتسبب في تعقيد أحوال المدرسة- بل والعملية التعليمية- وهو ما يجعل هذه المشكلة تستحق الدراسة.
حيث إن غياب طلاب المرحلة الثانوية عن مدارسهم بشكل متكرر يترتب عليه الكثير من الآثار السلبية، كما أشارت بذلك بعض الدراسات، ومنها (دراسة Varrati & Bozol, 1983)، حيث أكدتا على أن هناك علاقة بين غياب الطلاب وتحصيلهم الدراسي بشكل سلبي.

كما أن غياب طلاب المرحلة الثانوية المتكرر عن مدارسهم يمكن أن يحدث الكثير من الخلل في أداء المعلمين الملتزمين بجداول معينة، مما يجعلهم تحت ضغط وإجهاد كبيرين، الأمر الذي يؤثر على باقي الطلاب.