ملخص الدراسة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، سيدنا محمد r، نحمد الله تعالى على نعمة الإسلام وعلى هداية القرآن وعلى نور الإيمان، وبعد: يعتبر الفقه الإسلامي من أهم العلوم الدينية التي تنظم حياة المسلمين والمجتمع الإسلامي، وتجعله يعيش في ظل تعاليم الشريعة الإسلامية، فيعرف الحلال من الحرام ابتغاء مرضاة الله، فيسعد المجتمع، وذلك لأن الفقه الإسلامي يتميز عن غيره من القوانين الوضعية بربانية المصدر، المتمثل في القرآن والسنة فهو منهج حياة شامل، يلبي رغبات الفطرة السليمة ويستكمل مكارم الأخلاق في أبهى صورها، ويراعي مصلحة الفرد والجماعة، مع تقديم مصلحة الجماعة عند التعارض، وهو صالح للبقاء والنماء، فلا يقف جامدا أمام الحوادث والمستجدات، وذلك حفاظا على مقاصد الشريعة، والتي تتمثل في حفظ الضروريات الخمس وهي: الدين, النفس, العقل, النسل، والمال. ويعتبر المال بلا شك إحدى دعامات المجتمع المسلم, فقد راعى فيه الشرع الحكيم الحفاظ عليه وجودا وعدما؛ أما من جانب الوجود بأن بيّن فيه الوسائل المشروعة في تنميته كالبيع والإجارة وغيرها, وأما من جانب العدم بأن وضع العقوبات الصارمة على من يعتدي عليه ويغصبه وحرم كل ما هو عدوان وظلم انطلاقا من قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ). ولِمَا رواه الشيخان أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا أَلَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ). ولما روى سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ) ولأهمية هذا الموضوع وما يترتب عليه من مخاطر وحقوق وواجبات في المجتمع المسلم، كان لا بد من أن تقوم دراسة عميقة مستفيضة لموضوع الغصب، وترتكز في جوهرها على استرداد الأموال والعقارات وغيرها، مما ستعالجه الدراسة، خاصة في ظل مجتمعات تغيب الشريعة الإسلامية في واقعها المعاصر وأخلاقها، وأدى إلى ازدياد ظاهرة الغصب بأشكالها المختـلفة مما عمق الفساد والظلم والنهب الظاهر والباطن وتطلب منا وقفة وائتماراً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ). مما يتطلب منا إظهار أحكام الإسلام في قضايا الغصب في الواقع المعاصر، وفق أحكام وتطبيقات الشريعة الإسلامية، سواء من آراء القدماء والمعاصرين، وتطبيقها على واقع المسلمين المعاصر، بهدف إصلاح الأحوال والامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى.

توثيق المرجعي (APA)