ملخص الدراسة:

المقدمةحظي البصير بدراسات أكاديمية وبحثية وأخرى مقالية ، غير أن هذه الدراسات على الرغم من أهميتها لم تسبر أغوار المشوار المسرحي للبصير ولم تعرج عليه لطبيعة موضوعاتها ، وظل يُنْظَر إلى البصير من زاوية اشتغالاته السياسية والأدبية . وما كتب عن البصير في مجال المسرح لا يتعدى بعض الأسطر المتناثرة في متون الأوراق . ومن الملفت للانتباه أن الباحثين الذين أخذوا على عاتقهم مهمة رصف اللبنات الأولى لتاريخ الممارسة المسرحية في العراق وتأصيل جذورها لم يلتفتوا إلى نشاط البصير المسرحي ولم يعتنوا به على الرغم من معاصرة البصير لهم وحضوره بثقل كبير في المشهد الثقافي العراقي آنذاك ، وحضوره في هذا المشهد على صعيد الإذاعة والإعلام والصحافة فضلاً عن الوسط الأكاديمي الذي ينتمي إليه هؤلاء الباحثون . فلم يلتفت إلى هذا النشاط عبد المنعم الجادر في كتابه المهم ( من تاريخ النهضة الفنية في العراق الحديث : 1950 ) . ويماثله في الموقف الدكتور جميل سعيد في كتابه الموسوم ( نظرات في التيارات الأدبية الحديثة في العراق : 1954 ) . وكذلك الحال مع كتاب الدكتور داود سلوم المعنوّن ( الأدب المعاصر في العراق : 1962 ) . فقد أغفل المتقدمون عن ذكر البصير ومنجزه المسرحي ، ولعل السبب المهم الذي يقف وراء هذا الإغفال يعود إلى أن البصير عُرِف عنه أنه أديب وناقد وشاعر أكثر منه رجل مسرح من جهة ، ولأن مسرحيته الأولى ( وفود النعمان على كسرى أنو شروان ) لم تطبع بل مثلت في حينها أيام حراك ثورة 1920 في العراق ومن ثم فُقدت وطوتها ملفات النسيان . أما مسرحيته الثانية – وهي الأخيرة – ( مسرحية دولة الدخلاء ) فقد طبعت في مطبعة دار السلام ببغداد سنة 1925 بنسخ معدودة حدت من انتشارها بين القراء من جهة أخرى .وتأسيساً على ما تقدم وجد الباحث أن اعطاء البصير حقه في هذا الجانب يتأتى من خلال البحث والتقصي عن نشاطه المسرحي في المضان . ولذلك لم أدخر جهداً في البحث عن ما كتبه الآخرون عن تجربة البصير المسرحية ، فمضيت أفتش وأبحث وأُنقب عن أي دليل يمضي بي إلى تعرف هذا المنجز . وما وجدته من سطور منثورة على صفحات الجرائد والدوريات العراقية اتخذت منه سمتاً لي في كدي ، وسمحت لنفسي أن أعيد قراءة ما وجدته وعقد مقارنة - لاسيما فيما يخص مسرحية البصير الأولى ( وفود النعمان ) – مع ما توافر لي من روايات تناقلتها شخصيات اشتركت في تمثيل هذه المسرحية ، بغية التوصل إلى وضع تصور ولو قريب عن هذه المسرحية وطبيعتها وقصتها وظروف عرضها . لقد قسمت البحث على ثلاثة فصول . عُنيَ الفصل الأول بحياة البصير ونشاطه السياسي ، وتوقفت عند جوانب مضيئة من هذا النشاط وتبينت من خلالها الدور المهم والمشع في حياة البصير . بينما خُصِّص الفصل الثاني لمسرحية ( وفود النعمان على كسرى أنو شروان ) ، ورحت في هذا الفصل أتلمس أثار هذه المسرحية - التي لم تنشر - في متون الصحف والدوريات ، كما نقّبت عن مواردها الأصيلة في كتب التاريخ من أجل وضع تصور – ولو تقريبياً – إلى طبيعتها الصياغية . بينما انفرد الفصل الثالث بدراسة مسرحية ( دولة الدخلاء ) وتعرف مواردها وطبيعة صياغتها البنائية .