ملخص الدراسة:

يعد الشاعر عمر بن أبي ربيعة ظاهرة متفردة في الشعر العربي القديم ، إذ أنه أوقف ديوانه الشعري كاملا على الغزل ، فضلا عن أنه جاء بنمط جديد من الغزل لم نعهده عند الشعراء قبله ، فقد كان غزله عبارة عن قصص طريفة لاهية تحكي مغامرات غرامية مرحة صورت جانب من جوانب المجتمع الحجازي المتحضر في مكة .إنها نمط جديد عكس اهتمامات مجتمع بعينه ، نشأ على وفق ظروف خاصة ، فكان بعيدا عن أمور السيا سة والعصبية التي كانت محور اهتمام الفرد والسلطة في بيئات أخرى كالعراق والشام . لقد طغى الجانب الهزلي اللاهي على قصص عمر الغزلية حتى غدا سمة مميزة لغزلـــه ، وقد أتقن صناعته ، واعتمد تقنيات خاصة فيه مكنته من التجديد والابداع في قصصه اللاهية تلك . وقد اعتمدنا في بحثنا هذا تتبع هذه التقنيات في قصيدة عمر الغزلية بما يكشف عن الجوانب الهازلة فيها . فهو أول من نهض بهذا الفن ( القصص الشعري الهازل ) وديوانه يصلح أن يكون نموذجا جيدا لدراسة هذا اللون من الشعر . إن أظرف الشعر ، واكثره توفرا على النادرة والموقف المرح ذلك الذي يأتي ضمن قصة أو حكاية ، وبأسلوب سرد قصصي ، وقد يعني هذا ان العناصر الكوميدية يمكن التعبير عنها واكتشافها في القصة أسهل من الوصف . فالشاعر الكوميدي إذن أحوج ما يكون في عمله الى البناء الدرامي الذي يمكنه أن يرسم مشاهد تقوم على الحركة والحوار ، وتتعدد فيها الشخوص والمواقف ، وتبرز فيها المفاجآت ، والمفارقات ، ويحدث فيها التناقض . إن القصة والحكاية هي مصدر فن القول في شعر عمر بن أبي ربيعة ، وقد تمكن عمر من إبراز هذا الجانب الهازل في قصصه الشعرية الغزلية من خلال عدة تقنيات منها : السرد بأنواعه وأساليبه المتعددة ( المتوازي ، المتواصل ، المقطوع ، والمتناثر ) والشخصية بنوعيها (ذاتية الاضحاك ، وغيرية الاضحاك ) ، والمواقف الهازلة للشخصيات بنوعيها (المتعمدة وغير المتعمدة ) ، والحوار بنوعيه ( المباشر ، وغير المباشر ) والمفاجأة .