تفسيرُ نُشوءِ الأضدادِ اللغويَّةِ على وَفقِ قانونِ ( وَحْدَة الأضدادِ و صِراعها ) عَرضٌ و نَقد pdf

تفاصيل الدراسة

تفسيرُ نُشوءِ الأضدادِ اللغويَّةِ على وَفقِ قانونِ ( وَحْدَة الأضدادِ و صِراعها ) عَرضٌ و نَقد pdf
0

0المراجعات

تفسيرُ نُشوءِ الأضدادِ اللغويَّةِ على وَفقِ قانونِ ( وَحْدَة الأضدادِ و صِراعها ) عَرضٌ و نَقد pdf

ملخص الدراسة:

حاولَ بعضُ المُحْدَثينَ تعليلَ ظاهرةِ الأضدادِ اللغويّةِ ، وهي أن يوجَدَ لفظٌ واحدٌ يدلّ على معنًى مّا و ضدِّهِ في الوقتِ نفسِهِ ؛ فمِن تعليلاتِهم ما استنَدَ إلى معطَياتٍ من كلام القدماءِ، و منها ما اشتُقَّ من بِنًى فكريّةٍ و نظريّاتٍ حديثةٍ .و مِن هذا الصِّنفِ الأخيرِ مِن التّعليلاتِ تعليلُ الأستاذِ الدكتور محمّد حسين آل ياسين الذي قارَبَ الرؤية الديالكتيكيّة في تفسير نشوءِ الأضدادِ اللغويّةِ ؛ إذ طبَّقَ قانونَ وحدةِ الأضدادِ و صِراعِها على لفظةِ ( الجَوْن ) ، التي كانت تعني أوّلَ الأمر السَّوادَ ، و كانَ ذلك بدايةً لصراع النقيضَيْن المُتَّحِدَيْن في وعي المتكلِّم . و بفعلِ هذا الصراع تغلَّبَ البياضُ على السوادِ تدريجيًّا ، و ربّما يكونُ مصداق ذلك أنّ ( الجَوْن ) أُطلِقَ على الشيءِ الذي اختلطَ فيه السوادُ و البياضُ قبلَ أن يصلَ الصراعُ إلى شكلِهِ النهائيِّ و هو البياضُ ، إلاّ أنّ التدوينَ المبكِّرَ احتفظ لنا بالمعنَيَيْن ، و صارت لفظة ( الجَوْن ) من الأضداد .و لِتقويمِ هذا التعليلِ لا بدَّ مِن معرفةِ ما انتهى إليه الديالكتيك من تطوُّرٍ على أيدي الماركسيّينَ ؛ فهو قائمٌ – عندَهم - على قوانينَ ثلاثةٍ هي سرُّ فاعليّتِهِ ، أوَّلُها : قانونُ وحدةِ الأضدادِ و صراعِها ، و مفادُهُ انطواءُ كلِّ شيءٍ على ضدَّيْن لا بدَّ من أن ينشأ صراعٌ بينهما لا يَقضي على وحدةِ الشيءِ ، و لكنّه يؤدِّي إلى أن يتغلَّبَ الطرَفُ الذي يعبِّرُ عن التقدُّم على الطرفِ الآخَر . و عندَ ذلك يحدثُ التحوُّلُ الذي يُفَسِّرُهُ القانونُ الثاني و هو قانونُ تحوُّل الكمِّ إلى كيفٍ الذي ينصُّ على أنّ التغيُّرَ يتمُّ أوّلاً بالتدريج ، و لكن عندما يصل الزيادة أو النقصان إلى حدٍّ معيَّنٍ يحدُثُ معه تغيُّرٌ كيفيٌّ . ثمَّ يأتي القانونُ الثالثُ قانونُ نفي النفي ( أو سَلب السلب ) الذي ينصُّ على ثلاثةِ أمورٍ ، أوَّلُها : استمرارُ التغيُّرِ . و ثانيها : الاحتفاظُ بأفضل خصائص القديم و الامتيازُ بخصائصَ لم تَكُن . و ثالثُها : عدمُ السَّيرِ باطِّرادٍ ، بل بشكلٍ دائريٍّ ، بحيثُ يرتدُّ نفيُ النفي إلى أُطروحتِهِ الأولى و لكن بشكلٍ أفضل .و ليسَتْ قوانينُ الدِّيالكتيك الثلاثةُ بِمنأًى عن النقدِ ؛ فأمّا القانونُ الأوّلُ فيُناقَشُ بِأنّ الطبيعة البشريّة لا يُمكنُ أن تقبلَ بالسلبِ و الإيجابِ معًا ، فهي تشعرُ ذاتيًّا بالتعارض المطلق بينهما . و أمّا القانونُ الثاني فيُنكِرُهُ كثيرٌ من الفلاسفةِ ؛ لأنّ مقولةَ الكَمِّ تنقسمُ على قسمَيْن ، أوّلُهُما الكَمُّ المنفصلُ ، و هو مقولٌ على الأشياءِ التي لا تجمعُ بينَها حدودٌ مشتركة ، و الآخَرُ هو الكَمُّ المتَّصِلُ ، و هو مقولٌ على ما يَجمعُ بينَ أجزائهِ حدودٌ مشتركةٌ . فأمّا الكمُّ المنفصلُ فلا يُبدِعُ أيَّةَ كيفيّةٍ ، و أمّا الكمُّ المتَّصلُ فالكيفيّةُ من عوارضِهِ الملازمةِ له ، و هذه الكيفيّة قد تنتهي أخيرًا بقفزةٍ تنتقلُ بسببِها من نوعٍ إلى آخَرَ ، أو لا تنتهي بأيّةِ قفزةٍ . فالقولُ بأنّ الكمَّ يتحوّلُ إلى كيفٍ ، صحيحٌ إذا كانَ كمًّا متّصلاً . و أمّا القانونُ الثالثُ فيكفي لِدحضِهِ العِلمُ بِأنّ أقطابَ المادِّيّةِ الجدليّةِ جميعًا يُنكرونَ العلّة الغائيّة في الطبيعةِ ، و لكنّهم يذهبونَ في ربطِ حركاتِ المادّةِ و تطوّرها بالغايةِ مذهبًا يُقيمونَها فيه مقامَ الوعي الإنسانيِّ في أرقى نشاطاتِهِ .فما دامَتْ قوانينُ الدِّيالكتيك الثلاثةُ لا تصمدُ أمامَ النَّقدِ فلن يَسلَمَ ما استندَ إليها من تعليلٍ لنشوءِ الأضدادِ اللغويَّةِ . و مِمّا يُلاحَظُ أنّ الأستاذ الدكتور آل ياسين صرَّحَ بأنّ اتِّحادَ النقيضَيْن في مثال ( الجَوْن ) إنّما هو في وعي المتكلِّم ، و معلومٌ أنّ الجدليّةَ المادّيّةَ الماركسيّةَ - التي أقامَتْ فلسفتَها على اساس معاندةِ سابقتِها المثاليّةِ - قد نفَتْ نفيًا قاطعًا التدخّلَ الخارجيَّ لأيّة قوّةٍ، و انكفأتْ على المادّةِ مُعَوِّلةً عليها وحدَها بوصفِها موطنًا للوحدةِ و الصراع بينَ الأضدادِ . و لمّا كانَ قانونُ وحدةِ الأضدادِ و صراعِها مُفْرَزًا من مُفرَزاتِ المادِّيَّةِ الديالكتيكيّةِ لا سابقتِها المادِّيَّةِ المثاليّةِ ، كانَ القولُ بأنّ مسرحَ الوحدةِ و الصراع بينَ النقيضَيْن هو العقلُ غيرَ منسجمٍ و مُعطَياتِ هذه النظريّة . ثُمَّ إنّنا لا نملكُ دليلاً على أنّ لفظة ( الجَوْن ) أُطلِقَتْ أوَّلاً على السوادِ وحدَهُ ، ثمّ على السوادِ و البياض معًا ، ثمّ على البياض وحدَهُ . و واضحٌ كذلك أنّ من الصعبِ إثباتَ أفضليّةٍ لما يَنتجُ من ارتدادِ نفي النفي المتعلِّق بلفظةِ ( الجَوْن ) إلى أُطروحتِها الأُولى ؛ إذ إنّ الأمرَ يَؤُولُ بنا إلى فكرةِ السوادِ نفسِها التي بدأنا منها ، و ليس ثمَّة تكاملٌ لدائرةٍ أخرى هي أعلى من مستوى الدائرةِ التي كانت قبلها .و أقربُ توصيفٍ – عندي - لتفسيرِ الأستاذِ الدكتور آل ياسين هو أنّه تلفيقٌ بينَ التفسيرِ الديالكتيكيِّ بشِقَّيْهِ المثاليِّ و المادِّيِّ ، و ما يُمكِنُ تسميتُهُ ( تداعي النقيض في الذِّهنِ ) الذي كانَ الأستاذُ الدكتور قد أشارَ إليه في موضعٍ آخَرَ من كتابِهِ بوصفِهِ أحدَ التفاسيرِ المُعتمَدَةِ لنشوءِ الأضدادِ اللغويّةِ .بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم الأضدادُ اللغويّة ظاهرةٌ غريبةٌ ، فالذهنُ يُنكرُها للوهلةِ الأولى و يأبى أن يُصدِّقَ بِوجودِ لفظٍ واحدٍ يدلّ على معنًى و ضدِّهِ (1)، غيرَ أنّ هذا لم يَمنعْ أن يؤمِنَ بها جماعاتٌ من القدماءِ ، و قلَّةٌ من المُحْدَََثينََ الذين حاولوا تعليلَ هذه الظاهرة الغريبة تعليلاتٍ مختلفةً ، منها ما يستندُ إلى معطَياتٍ من كلام القدماءِ ، و منها ما اشتُقَّ من بِنًى فكريّةٍ و نظريّاتٍ حديثةٍ يتجاوزُ بعضُها نطاقَ اللغةِ ليفَسِّرَ عددًا آخَرَ من ظواهر الكون أو ليفسِّرَها جميعًا. و الأضدادُ جمعُ ( ضِدٍّ ) ، قالَ أبو حاتمٍ السجستانيّ ( ت 255هـ ) : (( ضِدّ الشيءِ خِلافُهُ و غيرُهُ...قالَ أبو حاتمٍ : اجتمَعَت العربُ على أنّ نِدَّ الشيءِ مِثلُهُ و شِبْهُهُ و عِدْلُهُ ، و لا أعلمُهُم اختلفوا في ذلك...قالَ أبو حاتمٍ : زعَمَ قومٌ أنّ بعضَ العربِ يجعلُ الضدَّ مثلَ الندِّ...و لا اعرفُ أنا ذلك . فأمّا المعروفُ في الضدِّ في كلام العربِ فخِلافُ الشيءِ ، كما يُقالُ : الإيمانُ ضدّ الكفر ، و العقلُ ضدّ الحُمق...)) (2) . و يُفهَمُ من كلام أبي حاتمٍ أنّ لفظة ( الضدّ ) نفسَها قد عَدَّها نفَرٌ من العربِ من ( الأضدادِ ) أي أنّها تدلّ على الشيءِ و خلافِهِ معًا ، و هذا ممّا لم يتوقفْ عندَهُ الكثيرُ ممّن صَنَّفَ في هذه الظاهرةِ ، و أحسبُ أنّ له أثرًا في فهم الظاهرةِ و تفسيرها .● مصدر التفسير الديالكتيكيّ (3) للأضدادِ اللغويّة : لم أرَ قبلَ الأستاذِ الدكتور محمّد حسين آل ياسين مَن قارَبَ الرؤية الديالكتيكيّة في تفسير نشوءِ الأضدادِ اللغويّةِ ، و يبدو أنّ أحدًا لم يلتفتْ إليها من بعدِهِ أيضًا ، فيُشبعَها تأمّلاً و بحثًا . و ملخَّصُ ما جاءَ به الأستاذ الدكتور آل ياسين هو أنّه رأى في المبدإ المادِّيِّ الديالكتيكيِّ إمكانًا لتفسيرٍ جديدٍ لنشوءِ الأضدادِ اللغويّةِ ؛ إذ إنّ كلَّ ضدٍّ سببٌ في عدِّ ضدِّهِ ضدًّا ، وكلٌّ منهما علّة وجودِ الآخَر ، فلولا الشجاعة ما كانَ للجبن معنًى ، و لولا البياضُ ما فهمنا معنى السوادِ . و من هذا الترابط الأساسيِّ بينَ الضدَّيْن صحَّ أن يُقالَ إنّهما متّصلان صلة وثيقة تجعلهما يوجدان معًا في كيانٍ واحدٍ . و يقوِّي هذه الصلة أنّ

خصائص الدراسة

  • المؤلف

    كيان أحمد حازم يحيى

  • سنة النشر

    2012

  • الناشر:

    مجلة الاستاذ - جامعة بغداد

  • المجلد/العدد:

    المجلد ، العدد 200

  • المصدر:

    المجلات الاكاديمية العلمية العراقية

  • الصفحات:

    الصفحات 1-14

  • نوع المحتوى:

    بحث علمي

  • اللغة:

    العربية

  • ISSN:

    2518-9263

  • محكمة:

    نعم

  • الدولة:

    العراق

  • النص:

    دراسة كاملة

  • نوع الملف:

    pdf

معلومات الوصول

0المراجعات

أترك تقييمك

درجة تقييم