ملخص الدراسة:

إن الحمد لله نحمدًه ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً. الحمد لله الذي أكمل لنا هذا الدين، وأتمَّ علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام ديناً وبعد: لقد اهتمت الشريعة الإسلامية الغراء بالأنساب والأعراض اهتماماً بالغاً، وأحاطتها بكل عناية وتقدير، فجعلت النسل – النسب- أحد الضروريات الخمس التي اتفقت الشرائع على وجوب حفظها ورعايتها. وحتى يكون المجتمع طاهراً نقياً، حرَّمت الشريعة الإسلامية كل ما يؤدي إلى اختلاط الأنساب وضياعها. فحرمت التبني، لمنافاته الحقيقة والواقع، وجعلت النسب مستنداً إلى الحقيقة الواقعية الممتدة من الآباء إلى الأبناء، قال تعالى "وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ". وحرّمت انتساب الولد لغير أبيه، فقال e في معرض التحذير من ذلك وبيان الوعيد الشديد على فاعله : "من ادَّعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام". وتتشوف الشريعة الإسلامية لإثبات نسب الولد لأبيه، ولو بأدنى شبهة، وجعلت ثبوت النسب حقاً للولد يدفع به عن نفسه الضياع، وحقاً للأم تدفع به عن نفسها تهمة الزنا، وأيضاً حقاً للأب يحفظ نسبه وولده من كل دنس وريبة، وقبل كل ذلك هو حق الله تعالى، لاتصاله بحقوق وحرمات أوجب الله رعايتها في المجتمع. ولقد اعتمد الفقهاء طرقاً لإثبات النسب، منها ما هو متفق عليه كالفراش والإقرار والبينة، ومنها ما هو مختلف فيه كالقيافة والقرعة. ولقد جاء العلم الحديث باكتشاف عظيم وهو البصمة الوراثية -الحمض النووي-، وهي طريقة غاية في الدقة في معرفة القرابة بين البشر، وقد تناولها العلماء المعاصرون بالبحث والتحليل من حيث دلالتها على النسب إثباتاً ونفياً. وقد آثرت أن تكون مادة هذا البحث إثبات النسب في ضوء اكتشاف البصمة الوراثية. سائلة الله التوفيق والسداد.

توثيق المرجعي (APA)