ملخص الدراسة:

تسعى مؤسسات التعليم قبل الجامعي دوماً نحو بناء مجتمعات تعلُّم بها؛ حيث أکدت العديد من الدراسات والأبحاث أهمية الدور الذي تلعبه هذه المجتمعات في تحويل بيئة التعلم بالمدرسة إلى بيئة متميزة، تمکنها من التصدي والتغلب على الکثير من العوائق والمشکلات التي تواجهها من ازدحام بالفصول، وضعف وتقليدية ممارسات المعلمين، وتدني قدرة المديرين من اتخاذ القرارات الصائبة وغيرها من المشکلات، والتي سوف يتم سردها بالتفصيل بالبحث.
ونظرًا لما تتطلبه هذه المجتمعات من ضرورة توافر أساليب تکنولوجية حديثة، يمکن من خلالها الحصول على المعرفة من مصادرها الأساسية بسهولة، وهو ما يحتاج إلى توفير ميزانية مرتفعة لکل مؤسسه تعليمية، ومن هنا سعى البحث الحالي نحو دمج هندسة المعرفة بمجتمعات التعلم وذلک لبناء مجتمعات تعلم متمرکزة حول هندسة المعرفة؛ حيث تتيح هذه المجتمعات لمديري المدارس والمعلمين الحصول على المعرفة التي يحتاجونها بسهولة من خلال النظم الخبيرة، والتي تتمثل في برنامج حاسوبي ذکي يتيح قاعدة معرفية واسعة تمد جميع الموجودين بالمعارف المتميزة والمتجددة التي يحتاجونها؛، والتي تساعد على تغيير ممارساتها الحالية، والسعي دومًا نحو جعل التنمية المهنية جزءًا من ممارساتهم اليومية، کما أنها تحفز الطلاب کذلک على توسيع قاعدة معارفهم؛ مما يکون له مردود إيجابي على تحقيق المخرجات المرجوة من العملية التعليمية، وتحقيق توقعات مؤسسات المجتمع من هذه المؤسسات.
ويهدف البحث الحالي إلى الوقوف على الأطر الفکرية لهندسة المعرفة ودورها في بناء مجتمعات التعلم بهذه بمؤسسات التعليم قبل الجامعي، وإبراز واقع مؤسسات التعليم قبل الجامعي بمصر والتحديات التي تواجهها، بالإضافة إلى التوصل لسيناريوهات مقترحة لبناء مجتمعات تعلم متمرکزة حول هندسة المعرفة بمؤسسات التعليم قبل الجامعي في مصر.
وحتى يحقق البحث الأهداف السالف ذکرها؛ فقد اعتمد على المنهج الوصفي؛ بالإضافة إلى الاستعانة بأسلوب السيناريو، کما استعان باستبانة لاستطلاع رأي الخبراء، والتي تم تطبيقها على عينة من الخبراء الأکاديميين والتربويين، وتوصل البحث إلى ثلاثة سيناريوهات، وهي: الامتدادي، والذي يمثل استمرار الوضع الراهن لمؤسسات التعليم العام بما فيها من مشکلات السيناريو، وتحديات وعوائق، وهو ما سوف يؤثر سلبًا على عمليات بناء مجتمعات تعلُّم متمرکزة حول هندسة المعرفة بهذه المؤسسات، والسيناريو الإصلاحي، والذي يلقي بالضوء على بعض الإصلاحات التي تسعى وزارة التعليم والمدارس تبنيها في المستقبل القريب استنادًا على التوجهات الحالية لها، والتي سوف تحقق بناء مجتمعات تعلم متميزة بها، والسيناريو الابتکاري، وهو الذي يتجه نحو دمج تکنولوجيا التعليم والاتصال في مؤسسات التعلم، وهو ما سوف يقودنا نحو المستقبل المنشود، ويحقق لهذه المؤسسات القدرة التنافسية على الصعيد المحلي والدولي .