ملخص الدراسة:

نشأ المفهوم البيئي نتيجة الفصل بين الظاهرات الطبيعية المكونة للبيئة الطبيعية وبين الظاهرات البشرية التي هي من صنع الانسان، أو حصيلة تأثيره على مختلف ظاهرات سطح الأرض ، وبموجب هذا المفهوم انصب اهتمام الجغرافيين على دراسة العلاقة بين الانسان وبيئته الطبيعية الا انهم اختلفوا في نوعية هذه العلاقة وشكلها لتشكل اتجاهات لإبراز هذه العلاقات وتفسيراتها، فالبعض غالى في دور البيئة الطبيعية وبتأثيرها الشديد في الانسان وآمن بحتميتها في كل فعل من أفعاله ، ولذلك أطلق على أصحاب هذا الاتجاه بالحتميين ، ثم ظهر إتجاه يرى ان الحتميين بالغوا في دور البيئة وقللوا من أهمية الانسان وقدراته على الاختيار وبالتالي فهناك إمكانية يستطيع البشر من خلالها أن لا يخضعوا للبيئة خضوعا كليا لذا عرفت هذه المدرسة بالامكانية التي ترى أن البيئات تتشابه أحيانا ولكن الأنشطة البشرية هي المختلفة،(1) ثم ما لبثت أن تمخضت عن علاقة المد والجزر بين الحتميين والامكانيين ظهور إتجاه بيئي وسطي ليشذب أفكار الاتجاهين ويوضح أن لكل من الطبيعة والانسان أثر وتأثير متبادل بينهما ما يوجد أفعال وأنشطة متعددة ومتنوعة في مختلف البيئات الطبيعية وفق معطيات بيئية وأخرى بشرية، وهو الاتجاه الاحتمالي. ولذلك فقد ظهر لهذه الاتجاهات مؤيدين ومعارضين ، الأمر الذي جعل منها مدارس رائجة في آرائها وأفكارها تباينت واختلفت فيما بينها مما جعل فيها إزدواجيات كثيرة ، الا أنها في ذات الوقت شكلت نقلة نوعية في المفهوم والمحتوى الجغرافي.