ملخص الدراسة:

يعد التعليم جزء من منظومة المجتمع ، يؤثر في الأجزاء الأخرى من المنظومة ويتأثر بها ، وقد شهد العصر الحالي تغييرات سريعة ومتلاحقة في المجالات الاقتصادية والعلمية والسياسية كافة ، تمثل عوامل الضغط على منظومات المجتمع عامة ، والتعليم خاصة ، وقد أدى ذلك إلى تنامي دور الجامعات في المجتمعات الحديثة ليس بكونها مراكز إشعاع فكري وعلمي فحسب بل مراكز الإبداع والمساهمة في التنمية الاقتصادية والإنسانية والارتقاء بالمجتمع عن طريق توظيف أمثل للموارد الطبيعية والبشرية .ونحن في عراقنا الحبيب، ونتيجة للظروف العصيبة التي مررنا ، فأن البنى الفوقية لمجتمعنا متمثلة بمراكز الثقافة والعلم والإبداع وعلى رأسها الجامعات و التعليم العالي بوصفها قمة الهرم الفوقي يمر بأزمة حادة وهي انعكاس طبيعي للظروف القاهرة التي مر بها بلدنا من حروب وحصار وأزمة اقتصادية وتخبط في السياسات التعليمية. وحقيقةً أن واقع التعليم العالي لا يلبي حاجات وطننا وطموحات شعبه، ولا يؤهله لمواكبة التطورات الهائلة في ميادين العلم والتكنولوجية والنظم التعليمية الحديثة ، لذلك أصبحت عملية إعادة النظر بنظم التعليم العالي في عراقنا والارتقاء بها ضرورة ملحة لا تقل أهمية عن عملية إعادة تأهيل وتطوير البنى التحتية والخدمات الأساسية . لذا فأن الحاجة إلى برنامج للبعثات الدراسية العلمية المختلفة يظهر جلياً في هذه المرحلة ، حيث يعد برنامج البعثات الدراسية الذي أطلقته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لعام (2006) بعد انقطاع طويل من الضرورات الحيوية ليس لقطاع التعليم العالي وحسب بل لمجمل عملية التغيير الجذري في العراق الجديد، حيث أن البعثات الدراسية خطوة أساسية لإعادة ترتيب موقع العراق بالنسبة لما يحصل بالعالم ، ومؤشراً ذا دلالات بالغة الأهمية على إن العراق وبرغم ظروفه الحالية والمعروفة يسير باتجاه البناء والتقدم ، حيث تقوم الوزارة بدور فعال لجعل التعليم العالي من بين أولويات الدولة والمجتمع، عن طريق تركيزها على إطلاق البعثات الدراسية ، في إطار برنامج مستمر على مدى السنوات المقبلة والسعي لفتح قنوات جديدة لتحديث معلومات إلتدريسين ، عن طريق إيفادهم بدورات قصيرة أو متوسطة الأمد على أمل أن يسهم برنامج البعثات الدراسية في تأمين حاجة العراق من التخصصات العلمية المتقدمة ، وبنحو يتيح ترتيب ما تم وصفه (البيت العلمي العراقي) ويؤسس أرضية علمية جادة ورصينة. لذا فأن دراسة موضوع جدوى برنامج البعثات الدراسية وإعطائه الأهمية المناسبة والتي نضعها أمام أنظار قياديي التعليم العالي المقبلين لوضع الخطط الكفيلة بمعالجة كل مظهر وسبب من أسباب أزمة التعليم العالي والتي حاولنا أن نؤشر لأهمها . والأهم من ذلك هو العمل الجاد والدءوب لتنفيذ هذه الخطط وتوفير كل مستلزمات إنجاحها . وهذا بالتأكيد ليس مسؤولية قياديي التعليم العالي فحسب، بل أنها مسؤولية وطنية تضامنية.يهدف البحث الحالي إلى وضع أسس مقترحة لأجراء دراسة جدوى لبرنامج البعثات الدراسية . ويتحدد البحث الحالي ببرنامج البعثات الدراسية الذي أطلقته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لعام 2006 . خطوات الدراسة تقوم الباحثة في هذا الفصل بتوضيح الخطوات الأساسية المطلوبة لأجراء دراسة الجدوى الاقتصادية لبرنامج البعثات الدراسية كمشروع اقتصادي ووفقاً لخطوات محددة وعلمية .حيث أن دراسة الجدوى الاقتصادية والمالية لأي مشروع أو برنامج تتطلب تهيئة ما يسمى بجداول التدفقات النقدية للمشروع المقترح لمعرفة عوائده وتكاليفه المباشرة أو غير المباشرة وبالقيمة الحالية لغرض قبول المشروع أو رفضه ، وبالتالي ترتيبها حسب أفضليتها، وهو الهدف من عملية التقييم .كما خرجت الباحثة بمجموعة من الاستنتاجات والتوصيات والمقترحات بما يحقق أهدف البحث .