ملخص الدراسة:

يهتم هذا البحث بمناقشة ظاهرة مخاطبة الذات في قصيدة المتلمس, على ان هذا الخطاب لم يقترن بأداة نداء بل استخدم الشاعر الخطاب المجازي مشكلا حوارا مع ذات أخرى (الناقة).ففي هذه القصيدة يصف الشاعر الم الغربة والحنين الى الوطن (العراق) وظلت جراحه خمسة عشر عاما-وهي مدة النفي-مفتوحة ثم مات وهو في حسرة اللقاء بأهله في العراق.ففي الافتتاح يتجه الشاعر في خطابه الى قبيلته مناديا ومتعجبا مما أصبح عليه حالهم ومحرضا ومهددا بالثورة.ولا نعجب من هذا الافتتاح غير المعهود في الشعر الجاهلي اذا علمنا ان الشاعر كان يمثل الذات الثائرة فكما فضل الخروج على المجتمع بعد ان عانى من (غربة القهر) فانه قد فضل الخروج كذلك على التقليد الفني المتمثل بالمقدمات الشائعة في الشعر الجاهلي.بعد هذا الافتتاح يتجه الشاعر بفنه الى ناقته ويعقد معها حوارا, ويعد هذا نوعا من ابتكار شخصيات غير إنسانية ووضعها في اطر إنسانية جديدة.اذ ان كبرياء الشاعر حتمت عليه ان يتقنع بهذا القناع الفني مع ان الصوتين: صوت العقل والعاطفة يصدحان في نفسه هو.وفي بداية المقطع وجدنا ثنائية في المواجهه من خلال انفصال ضمائر المخاطب التي تعود على الناقه عن ضمائر المتكلم التي تعود على الشاعر.بعدها وصل الشاعر الى درجة الاندماج والتوحد مع الناقه فظهرت فيه الذاتان ذاتا واحدة واحساسا واحدا ألغى الفرقة والانفصال.كما اننا نجد في هذا النص عناصر فنية كثيرة صالحة لحمل دلالات رمزية مثل:- الليل, نجم سهيل, معقولة, التشريق ...... الخوفي نهاية القصيدة تظهر الذات مرة اخرى مهددة ومحرضة, ومفتخرة باجدادها لتستمد القوة منهم, مما يعزز عندها الاحساس بالانتماء الذي قد يضعف ازاء مشاعر الغربة وبهذا نجح الشاعر في عرض موضوعه من خلال (الاخر) بحيث اخرجه من الحيز الفردي الى الحيز الانساني الواسع, ومن التعبير المباشر الى التعبير الرمزي.