ملخص الدراسة:

لاريب أن النسق الشعري هو ارتباط توافقي في حيثيات اللغة وانزياحاتها المحورية النابعة من أصول الموضوعات الأكثر فعالية في جماليات النقد والأدب , وهي عرضة للصقل والتجديد والتغيير وللنسق ارتباط في فضاءات التداول ومكونا من مكوناتها الانفعالية وانسجاما مع البعد الإنساني والاجتماعي لملء الفراغ أو ما يسمى بالموضعة التي تعد من أوليات التداول فالصعود والنزول هما حركتان تسكن بينهما ديمومات الفعل ووظائفه المتعددة وهي انساق تداولية تحظى بالكثير من الجهد والانهمام بالذات إن إطلاقنا للنسق هو تجريد وانهمام للذات في قصدياتها الفوضوية التي لاتنسجم مع الآخر وربما تتجاوزه في ثوابتها التكوينية . والنسق الذي اعتمده بشار بن برد في صوره الارتجالية إنما كان عشوائيا في الشكل أعمى في الظاهر لكنه في الداخل كان نسقا منظما ومبصرا لاعتماده على توليف تلك الصور وفي غاية الدقة بفضل القدرة الاختزالية والتصويرية التي جعلته رائدا في صوره الارتجالية ذات النسق المتفرد . والنسق عند بشار يأتي خارجا عن المألوف ويكون مبكرا في انفتاح شكله على مضمونه في تماس محوري مع السياق النصي . لقد كانت وجهات نظر بشار خارجة عن المألوف والسائد وهي إلى حد ما واسعة وعريضة الحدود وتتحمل دلالات ومعان غاية في التطرف والشذوذ , وتلك قصدية واضحة نابعة من إجراءاتها التداولية التي يتعذر علينا من الوهلة الأولى تصيد ما فيها من علائق إرتكازية مهمة . والارتكاز الذي بنى عليه بشار تلك الصور كان معتمدا على جوهر الإنسان وعلاقاته مع مجتمعه لذا فإن تلك الصور ما زالت حية ونابعة من الجوهر وهي في حقيقتها حركات انثربولوجية تعمد النص وتوحي بالكثير مما يحتويه دونما تسويف أو مراوغة . تلك هي الموضعة التي تبلورت عند بشار وجعلته واحدا ممن أسسوا لمعيار الشعر في سياق النص الإبداعي . لقد باشر بشار أدواته الاجتماعية من خلال التواصل الموضوعي للأشياء وذلك ما نطلق عليه بالتشخيص التداولي للإبداع .