ملخص الدراسة:

لنا مع الشعر صحبةُ ممتدة طويلةُ، وعلاقة حبّ متبادلة، فنحن نشكو إليه آلام الأيام ونوائب الدهور، وهو يبعث فينا نشوة المنتصر الغالب. لقد دخلَ الشعرُ بما يحملُ من مكانةٍ في نفوسِنا في كل تفاصل حياتِنا وتغلغل فيها ، فباتَ يصور أحلامنا وآمالنا، وأصبح مرآة تعكس طموحاتنا ورؤانا ، إنّه كنز خلّفه لنا الأجداد، شاهدْنا من خلاله مسيرة أمّتنا على اختلاف الأزمنة والعصور، لقد أدركنا به ما كان يتحرك في نفس الشاعر الجاهلي من مشاعر وأحاسيس راودته في تجاربه المختلفة، كما نقل لنا ذلك التغيير الكبير في حياة العرب وهم ينتقلون من عصر الجاهلية إلى الإسلام، ثم يبقى لصيقا بحياتنا في كل العصور حتى عصرنا الحديث. إ نّ التعقيد الذي أصاب حياتنا في العصر الحديث والهموم التي أحاطتْ بنا بسبب النكبات المختلفة، دفعتْ بالشاعر المعاصر إلى ميدان المواجهة المستمرة مستخدما كل طاقاته الشعرية في سبيل الفوز والخلاص.ولقد جاء هذا البحث ليسلط الضوء على أحد روّاد الشعر الحديث في العراق ودوره في التصدي إلى القضايا الإنسانية الكبرى منطلقا من بيئته الصغيرة ، ذلك هو ( بدر شاكر السياب ) الشاعر الكبير الذي تخطّفته المنيّة سريعاً فلو قدر الله له حياة أطول لخلّف لنا مزيدا من الشعر الذي يحمل عبء الإنسانية وهمومها. وللبحث منهجية تعتمد التركيز على القصائد السيابية التي تصور جانبا من الجوانب الإنسانية المختلفة،ثم تجاوزها إلى النظر لجُهد ( السياب ) في تقديم تلك المضامين الإنسانية من الناحية الفنية لا سيّما ما يتعلق بالصورة الشعرية ، فمهما تكن المضامين الشعرية التي يسعى الشاعر إلى تقديمها عالية متميّزة تبقى ناقصة إن لم يحسن الشاعرفي طريقة عرضها عرضاً فنياً