شاع في الآونة الحديثة استثمار التكنولوجيا في مجال التعليم بصفة عامّة ، والحاسوب على وجه الخصوص ” حيث يعدّ الحاسب الآليّ من الوسائل التكنولوجيّة الفعّالة التي إذا استخدمت استخداماً فعّالاً في مجال التعليم أمكن تحقيق الكثير من الأهداف التربويّة ، مثل التعلّم الذاتيّ ، والتعلّم الفرديّ ، والتعلّم الجماعيّ ، وأصبحت المهارة في استخدام الحاسب الآليّ أحد أساسيّات العمليّة التعليميّة ، وفي عصر الانفجار المعرفيّ وثورة المعلومات أصبحت الأميّة في الحاسب الآليّ هي الأميّة الحقيقيّة ” ( مصطفى ، 2003 ، 22 ) .
وقد تناول كثير من الدراسات أثر استخدام الحاسوب في التحصيل بشكل عامّ ، والتحصيل اللغويّ على وجه الخصوص ، وأشارت تلك الدراسات إلى النتائج الإيجابيّة التي توصلت إليها من خلال استخدام الحاسوب في التعليم ، ومن هذه الدراسات على سبيل المثال لا الحصر الدراسة التي قام بها جمال سليمان عطيّة عام 2002 لتنمية مهارات القراءة الناقدة بوساطة برنامج حاسوبيّ ، ” فبعد أن حدّد المؤلّف أسس استخدام الحاسب الآليّ في تنمية مهارات القراءة الناقدة ، قام ببناء اختبار القراءة الناقدة ، ثمّ طبّق الاختبار المذكور قبليّاً ، تبع ذلك توزيع عيّنة البحث على مجموعتين ، إحداهما : تجريبيّة ، وتقوم بدارسة البرنامج الذي أعدّه المؤلّف لتنمية مهارات القراءة الناقدة باستخدام الحاسب الآليّ ، والثانية : ضابطة ، وتقوم بدراسة برنامج تنمية مهارات القراءة الناقدة بأسلوب التدريس التقليديّ المعتاد .
وبعد أن تمّ تدريس البرنامج للمجموعتين ، قام المؤلّف بتطبيق اختبار القراءة الناقدة تطبيقاً بعديّاً ؛ لتعرّف فعّاليّة تدريس البرنامج باستخدام الحاسب الآليّ .
وكان من أبرز نتائج الدراسة ما يأتي :
– وجود فروق دالّة إحصائيّاً بين المجموعتين التجريبيّة والضابطة لصالح المجموعة التجريبيّة في تنمية مهارات التمييز ، وعددها أربع مهارات.
– وجود فروق دالّة إحصائيّاً بين المجموعتين التجريبيّة والضابطة لصالح المجموعة التجريبيّة في تنمية مهارات الاستنتاج، وعددها أربع مهارات .
– وجود فروق دالّة إحصائيّاً بين المجموعتين التجريبيّة والضابطة لصالح المجموعة التجريبيّة في تنمية مهارات التقويم وإصدار الأحكام ، وعددها خمس مهارات .” (مفلح ، 2004 ، 68-69 ) .
ولن نتناول هذه التقنية بالشرح والتفصيل من حيث مكوّناتها ، وخصائصها ، وإمكاناتها ، فهذا مجال آخر يتناوله المتخصّصون بتقنيات التعليم ، ولكنّني سأشير بشكل موجز إلى إمكانيّة استثمار الحاسوب في التعليم اللغويّ .
ولعلّ المختبرات اللغويّة من أكثر الأساليب الحديثة التي وظّفت مختلف التقنيّات المستحدثة في مجال تعليم اللغات وتعلّمها ، ابتداء من تقنيات الصوت ، وتقنيات الصورة ، وتقنيات التفاعل بين المعلّم والمتعلّم ، وتقديم التغذية الراجعة الفوريّة ، وذلك باستثمار قدرات الحاسوب الفائقة ، وقد انتشر هذا النوع في كثير من مصادر التعلّم المتواجدة في المدارس .
وهناك برامج حاسوبيّة قريبة من برامج المسابقات تستخدم في تقويم التعلّم اللغويّ ، حيث يعرض المثير على المتعلّم الذي يقوم بتقديم استجابة محدّدة ، ويتلقّى على أثرها تغذية راجعة مباشرة ، فيقوم المتعلّم بتعديل الاستجابة إذا كانت غير صحيحة ، ويتلقّى التعزيز إذا كانت الاستجابة صحيحة ، ولعلّ العليم المبرمج بوساطة الحاسوب من أبرز تلك البرامج .
ومن البرامج الحاسوبيّة التعليميّة برنامج ( البور بوينت ) ، حيث يستطيع مدرّس اللغة تقديم حقائق الدرس التعليميّة بصورة شائقة وجذّابة على شكل شرائح مترافقة بمؤثّرات صوتيّة وحركيّة تتجلّى في طريقة عرض الشريحة ، وما تتضمّنه من معلومات ،إضافة إلى إمكانيّة تحكم المدرّس بمدّة عرض كلّ شريحة ، وإمكانيّة العودة إلى شرائح تمّ عرضها إذا اقتضت مصلحة التلاميذ ذلك .
وقد استخدم المؤلّف هذا البرنامج في كثير من الدروس التي قدّمها في مختلف المراحل .
ولا بدّ أن نشير في نهاية عرضنا لبعض البرمجيّات التعليميّة الحاسوبيّة إلى الأسس العامّة التي ينبغي مراعاتها عند تصميمها ، ومن هذه الأسس :
- العمل على تصميم خلفيّة موحّدة في الشرائح كافّة ، وهذا بطبيعة الحال يوحي بالمهنيّة العالية ، ويؤدّي إلى عدم تشتيت الانتباه لدى الطلاّب ، بالإضافة إلى توفيره للوقت والجهد المبذول.
- مراعاة عدم ازدحام الشريحة بالمعلومات ، والاكتفاء بعدد قليل من الكلمات ، الأمر الذي يجعل المعلومة أكثر تركيزاً ، وأشدّ جذباً لاهتمام الطلبة ، وأطول ثباتاً في أذهانهم .
- الاقتصاد في استخدام الألوان والحركة والصور ، وعدم المبالغة فيها ؛ كيلا تحرف اهتمام الطلبة عن الغرض المقصود .
- توظيف الحركة بحيث تحقّق أهداف عرض المعلومة ، وتحول دون تدفّق المعلومات دفعة واحدة ، بل وفق تدرّج يخدم تحقيق الأهداف .
- مراعاة الجانب الزمني في أثناء عرض المعلومة فلا تطول مدّة العرض ، كيلا يتسلّل الملل إلى الطلبة ، ولا تكون سريعة خاطفة تجعلها غير واضحة في أذهانهم .
- الابتعاد عن الانتقال التلقائيّ للشرائح ، ليتسنّى للمعلّم التقدّم بالدرس وفقاً لما يتطلّبه الموقف التعليميّ .
- البساطة والبعد عن التكلّف والتعقيد . ” ( الجزولي والغول ، 2005 ، 210-211) .